حصري – “وثائق” تكشف عن نقل مبيدات محظورة بأوامر قضائية من أمانة العاصمة إلى عمران وعدم الاكتراث لتحذيرات الجهات المختصة وتغييب دورها
يمنات – خاص
حصل “يمنات” على وثائق تكشف عن دفن مبيدات محظورة في منطقة الجراف شمال العاصمة، ثم نقلها مؤخرا بموجب أوامر قضائية إلى مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، شمال البلاد، بهدف دفنها، في مخالفة صريحة للقانون رقم 25 لسنة 1999 بشأن تنظيم و تداول المبيدات النباتية.
و تنص المادة الفقرة الثانية من المادة “25” من القانون السالف الذكر على: “إذا كانت المبيدات المخالفة مما يعد استيرادها أو صنعها أو حيازتها وبيعها أو عرضها للبيع أو استعمالها محظور في الجمهورية طبقا لأحكام هذا القانون والتشريعات الأخرى فإنه يجب إلزام المخالف بإعادة تلك المبيدات على نفقته إلى مصدرها الذي جلبت منه”.
الأهالي يفشلون عملية الدفن
و بحسب محضر الضبط الصادر من مكتب الزراعة بمحافظة صعدة، ضبطت يوم الخميس 5 يوليو/تموز 2018، شاحنة نوع “دينا” و سيارة موديل 1995، في نقطة عين، و على متن الشاحنة 20 برميل عبوة 20 لتر، و “8” براميل فاضية عبوة 200 لتر على السيارة، تعود ملكيتها لـ”علي أحمد دغسان”.
و حسب محضر الضبط، كانت الشحنة قادمة من صنعاء إلى منطقة سفيان بهدف دفنها، غير أن الأهالي في المنطقة منعوهم من الدفن، ما اضطر سائقي الشاحنة و السيارة إلى التوجه إلى محافظة صعدة.
و بحسب مذكرة رئيس نيابة استئناف محافظة صعدة، ابراهيم عبدالله حسين جاحز، الموجهة إلى مدير عام مكتب الزراعة بالمحافظة و مدير البحث الجنائي بالمحافظة، يكشف أن قضية المبيدات المحجوزة احيلت إلى نيابة صعدة و سحار و الاموال العامة في 15 يوليو/تموز 2018، و التي تم احالتها إلى نيابة الاموال العامة بأمانة العاصمة كونها مرتبطة بالقضية المنظورة أمامها.
اعادة المبيدات إلى صنعاء
و وجه رئيس النيابة مكتب الزراعة و البحث الجنائي بصعدة بنقل الكمية المضبوطة مع السيارات إلى امانة العاصمة و تسليمها لرئيس نيابة الاموال العامة بأمانة العاصمة لاتخاذ اللازم وفقا للقانون.
و أمر رئيس النيابة بمرافقة الشحنة بحراسة أمنية و موافاة النيابة بما يفيد استلامها، بما النيابة تسديد سجلاتها.
و نقلت الكمية إلى حرف سفيان بهدف الدفن بتوجيهات قضائية، رغم أن القانون رقم “25” لعام 1999، يلزم المستورد بإعادتها إلى بلد المنشأ و على نفقته.
تكليف مختصين
و تفيد المذكرة الموجهة من رئيس محكمة الأموال العامة بأمانة العاصمة و الموجهة لوكيل النيابة بالأمانة في 1 إبريل/نيسان 2018، بتكليف مختصين للانتقال بمعية مختصين من وزارة الزراعة لنقل المبيدات و الاتربة المحجوزة على ذمة القضية رقم 99 لسنة 2013، المصنفة “جسيمة” إلى الأرض المخصصة للدفن بمديرية حرف سفيان محافظة صعدة، بهدف دفن تلك المبيدات و رفع تقرير بذلك للمحكمة حتى يتسنى لها الفصل في القضية.
موضوع الدفن الذي وجهت به المحكمة و خارج نطاق اختصاصها الاداري، يكشف عن تجاهل المحكمة للضرر البيئي بالأرض التي سيتم الدفن فيها و الضرر الصحي الذي سيلحق بسكان المنطقة.
و من محضر الضبط في نقطة عين بمحافظة صعدة يتضح أن الشحنة نقلت بدون وجود مختصين، كون محضر الضبط لا يشير إلى وجودهم، و عدم وجود مذكرات لنقاط التفتيش بالسماح بمرور الشحنة.
رفع الحراسة بأمر قضائي
و حصل “يمنات” على مذكرة بدون تاريخ موجهة من رئيس محكمة الأموال العامة بأمانة العاصمة، عبد الحفيظ المحبشي، إلى شخص يدعى “مثنى مهدي محمد الترابة” يأمره فيها برفع الحراسة القضائية على الأرض الكائنة في منطقة الجراف شمال العاصمة صنعاء و الخاصة بـ””محمد دغسان” مالك الشحنة، ما يعني السماح بنقل الشحنة التي كانت مدفونة في أرضية تابعة لمالك الشحنة، أثناء ما كانت القضية منظورة أمام القضاء.
و من ذلك يتضح أن دفن مبيدات زراعية محضورة في منطقة كـ”الجراف” سيكون لها ضرر بيئي و صحي، خاصة و أن المنطقة مأهولة بالسكان، بل و من المناطق ذات الكثافة السكانية، عوضا عن أن الدفن كما يظهر في المذكرة تم بأمر قضائي، و فرضت عليه حراسة قضائية، حتى و ان كانت الأرض في ملكية التاجر المستورد للشحنة كون الضرر سيصيب المجتمع.
تحذير
و كانت نيابة الأموال العامة و مكافحة الفساد بأمانة العاصمة، و في مذكرتها الموجهة لرئيس محكمة الاموال العامة بالأمانة، قد حذرت من خطورة المواد المدفوعة في حي الجراف السكني بأمانة العاصمة.
و طالبت المذكرة من رئيس المحكمة بموافاة النيابة بتقرير مفصل بنتائج نزول الخبراء للمنطقة المدفون فيها المبيدات حتى تكون على بينة من الآثار المترتبة على اجراءات الدفن، مذكرة بأن المبيدات يفترض أن تعاد إلى بلد المنشأ وفقا لاتفاقية بازل.
و جاءت هذه المذكرة كمذكرة تعقيبية لمذكرة سابقة من رئيس النيابة تحمل الرقم “583” بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2018، و المتضمنة ضرورة تكليف خبراء بالانتقال و المعاينة لمكان تواجد المبيدات، و رفع تقرير بالنتائج، نظرا للخطورة المترتبة على تلك المواد.
قرار المحكمة ورفض النيابة
و كانت المحكمة قد ابلغت نيابة الأموال العامة بأمانة العاصمة بقرارها في قضية المبيدات، و الذي صدر في 5 مايو/آيار 2018، و تضمن السماح بنقل المبيدات مع الحاويات و الاتربة إلى مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، إلى المكان الذي حدده المختصين و وضعه تحت الحراسة حتى يتم تقرير مصير الشحنة.
و هو القرار الذي لم يوافق عليه عضو النيابة المختص بالقضية، معلل ذلك بكون المبيدات منذ سنوات في الارض (حي الجراف) و سبق أن قررت المحكمة بإعادتها لبلد المنشأ. مؤكدا أنه و طالما حجزت الشحنة لعامين، و حتى تاريخ 3 يونيو/حزيران 2018، كان يلزم بقاءها حتى صدور الحكم، كون نقلها إلى حرف سفيان، لا معنى له.
كما لم يوافق وكيل النيابة على قرار المحكمة، مرجعا ذلك للتناقض الوارد في قرارات المحكمة، و للأضرار المترتبة على قرار النقل، غير أن الشحنة نقلت رغم اعتراض عضو النيابة و الوكيل.
فريق لتقييم الأضرار
و كانت الهيئة العامة لحماية البيئة قد كلفت لجنة للنزول الميداني إلى مقر المبيدات المنتهية و التربة المتبقية في حي الجراف بأمانة العاصمة، بهدف القيام بأعمال المعالجة و التخلص السليم و الآمن لها بالطرق الفنية اللازمة، ما يكشف عن حجم الأضرار التي تركتها المبيدات التي حجزت هناك.
و جاء تكليف هذه اللجنة بعد اعتذار ادارة وقاية النبات في وزارة الزراعة و الري، و التي أكدت الأمر من صميم عمل الهيئة العامة لحماية البيئة.
و يتضح ذلك من خلال المذكرة الموجهة من وكيل وزارة الزراعة إلى رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة، بتاريخ 26 مايو/آيار 2018، عطفا على مذكرة نيابة الاموال العامة بخصوص نقل الحاويات الموجود بها التربة المنزوعة من الارض الذي كان مدفونة فيها المبيدات في حي الجراف، شمال أمانة العاصمة.
و أكدت المذكرة أن ادارة وقاية النبات بوزارة الزراعة و الري، تلقت رسالة من نيابة الاموال العامة رقم (760) في 16 مايو/آيار 2018، بخصوص قضية المبيدات المدفونة في حي الجراف، و التي طالبت فيها تكليف مختصين من الوزارة للإشراف على نقل الاتربة إلى خارج أمانة العاصمة تنفيذا لقرار المحكمة الصادر بالقضية رقم (99) لسنة 2013، و الخاصة باتهام مؤسسة ابن دغسان ان لم يترتب على ذلك ضرر بالبيئة، و طلب التحري حول ذلك قبل بدء التنفيذ. مشيرة إلى أن الموضوع متعلق بالبيئة أو الاضرار بها و هو من صميم عمل الهيئة العامة لحماية البيئة.
و كانت لجنة مشتركة من وزارة الزراعة و الهيئة العامة لحماية البيئة، قد رأت في تقرير رفعته إلى نائب وزير الزراعة و وكيل الزراعة، بأن يتم استئجار مخزن للمبيدات بعيد عن الاحياء السكنية مؤقتا على نفقة مؤسسة ابن دغسان حتى يتم استكمال الاجراءات الرسمية و ابلاغ المعنيين بذلك على وجه السرعة.
و بحسب المذكرة المؤرخة في 10 يونيو/حزيران 2018، شكلت اللجنة المشتركة من الهيئة العامة لحماية البيئة و الادارة العامة لوقاية النبات بوزارة الزراعة و الري، لدراسة امكانية نقل المبيدات و التربة من موقعها في حي الجراف إلى حرف سفيان.
و أشارت المذكرة إلى أن المبيدات تم نثرها في حي الجراف خلف منزل الشائف، و أن هذه الكمية كانت قد حجزت في نقطة الازرقين، المنفذ الشمالي للعاصمة صنعاء.
و رغم هذا التقرير إلا أن المبيدات نقلت إلى حرف سفيان ثم إلى صعدة، قبل أن يتم حجزها من قبل مختص وزارة الزراعة في نقطة عين بصعدة، ما يكشف حجم الاستهتار بحياة الناس و ما سيحلق بالبيئة من أضرار.
لجنة مشتركة
و تم تشكيل اللجنة بموجب اجتماع مشترك بين الهيئة العامة لحماية البيئة و وزارة الزراعة، استنادا قرار محكمة الأموال العامة و رسالة نيابة الاموال العامة رقم (760) الصادر بتاريخ 16 مايو/آيار 2018، و الذي أكد أن قرار نقل المبيدات و التربة إلى موقع اخر كان يجب ان يسبقه تكليف للهيئة العامة لحماية البيئة لتكليف الادارة المختصة بها بدراسة تقييم الاثر البيئي للموقع المقترح و تقييم حالة المبيدات و التربة الملوثة، وفقا لما تقرره نصوص قانون حماية البيئة، ليتم على ضوئه الرفع للمحكمة باتخاذ القرار المناسب.
و هو ما يكشف أن المحكمة اتخذت قرارها بنقل المبيدات و التربة دون دراسة علمية، ما يضع تساؤلا حول الأسانيد التي تم بموجبها اتخاذ القرار من قبل المحكمة.
و تكشف المذكرة في هذا الخصوص و المؤرخة بتاريخ 10 يونيو/حزيران 2018، أنه تم في 7 يونيو/حزيران 2018، ضبط كميات من المبيدات و الاتربة مرمية في احدى حارات حي الجراف (بير البلسة)، و تسبب بأضرار صحية و بيئية ضارة للحي، كما تم ضبط شاحنة نوع “دينا” في نقطة الازرقين محملة بالمبيدات متجهة إلى حرف سفيان و بحوزة سائقها قرار المحكمة و رسالة محامي عام نيابة الاموال العامة للإدارة العامة لوقاية النباتات. مؤكدة أن الجهات المختصة لم تصلها تلك المذكرات رسميا أو شاركت في عمليات التحميل و مرافقة النقل للتحريز في الموقع الجديد.
و يكشف ذلك عن حجم المخالفات التي تمت في نقل الشحنة، و عدم الاستعانة بخبراء و مختصين عند نقل المبيدات و التربة، و التواطؤ من قبل بعض الجهات في تسهيل عملية النقل، و من ثم الدفن في حرف سفيان لولا تدخل الأهالي.
و هو ما سيطرح تساؤلا مهما حول من يقف حول عمليات ادخال المبيدات المحضورة و الممنوع تداولها في البلاد، و لماذا يتم الاستهتار بحياة الناس و تدمير البيئة في ظل الحصار و الحرب التي تتعرض لها البلاد.
اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة و التخلص منها عبر الحدود، تعتبر الاتجار بمثل هذه المواد المحضورة في حكم “الاتجار غير الشرعي”، و تصنفه كفعل “اجرامي”.
و تلزم الأطراف الموقعة على الاتفاقية – اليمن موقعة على الاتفاقية – بأن يقوم كل طرف باتخاذ التدابير القانونية و الادارية و التدابير الاخرى الملائمة لتنفيذ احكام الاتفاقية و انفاذها بما في ذلك التدابير القانونية و الادارية و التدابير الاخرى الملائمة لتنفيذ احكام الاتفاقية و انفاذها بما في ذلك تدابير لمنع التصرفات المخالفة للاتفاقية و المعاقبة عليها.
للمزيد عن اتفاقية بازل انقر هنا
نص القانون رقم 25 لسنة 1999 بشأن تنظيم و تداول المبيدات النباتية انقر هنا
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.